سورة المائدة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المائدة)


        


قوله تعالى: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} فيه تأويلان:
أحدهما أن الميثاق آيات مبينة يقررها علم ذلك عندهم.
والثاني: أن الميثاق أيمان أخذه أنبياء بني إسرائيل عليهم أن يعملوا بها وأمروا بتصيدق رسله.
{وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً} يعني بعد أخذ الميثاق.
{كُلَّمَا جَآءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ} هوى النفس مقصور، وهواء الجو ممدود، وهما يشتركان في معنى الاسم لأن النفس تستمتع بهواها كما تستمتع بهواء الجو.
{فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ} يعني أن الأنبياء إذا لم يحلوا لهم ما يَهْوُونَه في الدين كذبوا فريقاً في الدين، كذبوا فريقاً وقتلوا فريقاً، وهم قد كذبوا من قتلوه ولكن تقدير الكلام أنهم اقتصروا على تكذيب فريق وتجاوزوا إلى قتل فريق.
{وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ} فيها ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنها العقوبة التي تنزل من السماء.
والثاني: ما ابتلوا به من قتل الأنبياء وتكذيبهم.
والثالث: ما بلوا به من جهة المتغلبين عليهم من الكفار.
{فَعَمُواْ وَصَمُّوا} يعني، فعموا عن المرشد وصموا عن الموعظة حتى تسرعوا إلى قتل أنبيائهم حين حسبوا ألا تكون فتنة.
{ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} يعني أنهم تابوا بعد معاينة الفتنة فقبل الله توبتهم.
{ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ} يعني أنهم عادوا بعد التوبة إلى ما كانوا عليه قبلها، والعود إنما كان من أكثرهم من جيمعهم.


قوله تعالى: {مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ} رد الله بذلك على اليهود والنصارى، فرده على اليهود فى تكذيبهم لنبوته ونسبتهم له إلى غير رِشْدة، ورده على النصارى في قولهم إنه ابن الله.
{وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ} رد على اليهود في نسبتها إلى الفاحشة.
وفي قوله: {صِدِّيقَةٌ} تأويلان:
أحدهما: أنه مبالغة فى صدقها ونفي الفاحشة عنها.
والثاني: أنها مصدقة بآيات ربها فهي بمنزلة ولدها، قاله الحسن.
{كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} فيه قولان:
أحدهما: أنه كنى بذلك عن الغائط لحدوثه منه، وهذه صفة تُنْفَى عن الإِله.
والثاني: أنه أراد نفس الأكل لأن الحاجة إليه عجز والإِله لا يكون عاجزاً.
{انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآْيَاتِ} يعني الحجج البراهين.
{ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني يصرفون، من قولهم أفكت الأرض إذا صرف عنها المطر.
والثاني: يعني يقلبون، والمؤتفكات: المنقلبات من الرياح وغيرها.
والثالث: يكذبون، من الإفك، وهو الكذب.


قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} يعني عبدة الأوثان من العرب، تَمَالأَ الفريقان على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم.
{وَلَتَجِدَنَّ أَقرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامنواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارى} ليس هذا على العموم، وإنما هو خاص، وفيه قولان:
أحدهما: عنى بذلك النجاشي وأصحابه لَمَّا أَسْلَمُوا، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير.
والثاني: أنهم قوم من النصارى كانوا على الحق متمسكين بشريعة عيسى عليه السلام، فَلَمَّا بُعِثَ محمد صلى الله عليه وسلم آمنوا به، قاله قتادة.
{ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً} واحد القسيسين قس، من قس وهم العباد. وواحد الرهبان راهب، وهم الزهاد.
{وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} يعني عن الإِذعان للحق إذا لزم، وللحجة إذا قامت.
وفي قوله تعالى: {فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} وجهان:
أحدهما: مع أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين يشهدون بالحق، كما قال تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143]، قاله ابن عباس، وابن جريج.
والثاني: يعني الذين يشهدون بالإِيمان، قاله الحسن.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11